وأما السيوطي في الإتقان فقد أفاد من الزركشي وزاد عليه، حيث قال: «النوع الثامن والأربعون: في معرفة مُشكله، وموهم الاختلاف والتناقض». (١)
وظاهر صنيعه أنَّ المُشْكِل مغايرٌ لموهم الاختلاف والتناقض، لكن هذا الظاهر غير مراد منه قطعاً، بل مراده أنَّ موهم الاختلاف والتناقض هو المُشْكِل بعينه، يدل على ذلك ما سطَّره في كتابه «معترك الأقران»؛ فإنه قال: «الوجه السابع من وجوه إعجازه: ورود مشكله حتى يُوهِمَ التعارض بين الآيات». (٢)
وأما ابن عقيلة فقد فرَّق بين المُشْكِل وموهم التناقض؛ فالمُشْكِل عنده هو ما خفي معناه من الآيات، وموهم التناقض هو ما جاء من آيات يُعارض بعضها بعضاً.
قال ابن عقيلة في تعريف المُشْكِل: «هو ما أشكل معناه على السامع، ولم يصل إلى إدراكه إلا بدليلٍ آخر». (٣)
وقال ـ بعد أنْ أورد كلام السيوطي في الإتقان ـ: «قلت: تقدم تعريف المُشْكِل، وأنه هو الذي أشكل معناه فلم يتبين حتى بُيّن، وليس هذا النوع من ذلك، بل هذا النوع آيات يُعارض بعضها بعضاً، وكلام الله تعالى مُنزَّهٌ عن ذلك». اهـ (٤)
ومن مجموع ما سبق يتبين أنَّ علماء التفسير وعلوم القرآن يطلقون المُشْكِل ويعنون به: الآيات التي يُوهِمُ ظاهرها التعارض فيما بينها، أو الآيات التي يُوهِمُ ظاهرها معارضة حديث نبوي، أو الآيات التي في معناها خفاء وغموض، لا يدرك إلا بدليل آخر.
وربما أطلقوا المُشْكِل على الآيات أو القراءات التي خالفت قاعدة لغوية، من نحوٍ أو تصريف أو إعراب.
والتعريف الجامع المانع ـ في نظري ـ أنْ يُقال: مشكل القرآن: هو
_________
(١) الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي (٢/ ٧٢٤).
(٢) معترك الأقران في إعجاز القرآن، للسيوطي (١/ ٧٢).
(٣) الزيادة والإحسان، لابن عقيلة (٥/ ١٣٤).
(٤) المصدر السابق (٥/ ١٩٦).