وأتى إليه مثل الذي أتى به. (١)
والمنع هو المقصود في معنى التعارض الذي يقع بين النصوص الشرعية، بمعنى أنَّ أحد الدليلين يمنع مدلول الآخر، ويَعْتَرِضُ له.
المطلب الثاني: تعريف التعارض في الاصطلاح:
أكثر من تناول تعريف التعارض في الاصطلاح هم الأصوليون، ولم نجد في كتابات المتقدمين ممن ألف في مشكل الحديث تعريفاً للتعارض بعينه، وإنْ كانوا يعبرون عنه في بعض كتاباتهم، فقد ذكر الحاكم في النوع التاسع والعشرين من معرفة علوم الحديث أنَّ من هذا النوع: معرفة سُننٍ لرسول الله - ﷺ - يُعارضها مثلها. (٢)
وأفرد الخطيب البغدادي في كتابه «الكفاية» باباً للتعارض قال فيه: «باب القول في تعارض الأخبار، وما يصح التعارض فيه وما لا يصح». (٣)
واستعمل هذا اللفظ جمع من المحدثين، كابن حبان، (٤)، والطبري (٥)، والطحاوي (٦)، وغيرهم.
وقد كانوا يستعملون لفظاً مرادفاً للتعارض، وهو مختلف الحديث، وظاهر صنيعهم أنْ لا فرق بين المصطلحين، وقد عرَّفوا المختلف بتعريفات عدة، هي في جملتها راجعة لمعنى التعارض، وستأتي في المبحث الثالث إنْ شاء الله تعالى.
_________
(١) انظر: كتاب العين، للخليل بن أحمد (١/ ٢٧٢)، وتهذيب اللغة، للأزهري (١/ ٤٥٤)، ومعجم مقاييس اللغة، لابن فارس (٤/ ٢٧٢)، ولسان العرب، لابن منظور (٧/ ١٦٨ - ١٦٩)، والتعارض والترجيح للبرزنجي (١/ ١٥).
(٢) معرفة علوم الحديث، للحاكم (١/ ١٢٢).
(٣) الكفاية في علم الرواية، للخطيب البغدادي (١/ ٤٣٢).
(٤) انظر: صحيح ابن حبان (٥/ ٤٨٣)، (١١/ ٢٠٧)، (١٣/ ٤٤٦).
(٥) انظر: تهذيب الآثار، للطبري (٢/ ٦٣٥).
(٦) انظر: شرح معاني الآثار، للطحاوي (١/ ٥١٠)، (٣/ ١٦١).


الصفحة التالية
Icon