المذهب الرابع: أنَّ النبي - ﷺ - قال هذين البيتين مُتَمَثِّلاً، وهما من نظم غيره وليسا من نظمه.
وهذا جواب ابن الجوزي، حيث يرى أنَّ كل ما نُقِلَ عن النبي - ﷺ - من الشِّعْر فهو لغيره، وإنَّما كان النبي - ﷺ - يتمثل به، وأما قول الشِّعْر من قِبَلِ نفسه - ﷺ - فإنَّه ممتنع عليه، ولا يتأتى منه.
وأجاب عن قوله - ﷺ -:
أَنَا النَّبِيُّ لا كَذِبْ | أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ |
أَنْتَ النَّبِيُّ لا كَذِبْ | أَنْتَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ |
وأما قوله - ﷺ -:
هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ | وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ |
قال الحافظ ابن حجر: "ويؤيد قولهما أنَّ ابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس" (٣) أورد هذين الشطرين لعبد الله بن رواحة، فذكر أنَّ جعفر بن أبي طالب لما قُتِلَ في غزوة مؤتة - بعد أن قُتِلَ زيدُ بن حارثة - أخذ اللواء عبدُ الله بن رواحة فقاتل فأُصِيبَ إصبعه فارتجز وجعل يقول هذين القسمين، وزاد:
يَا نَفْس إِنْ لَا تُقْتَلِي تَمُوتِي | هَذِي حِيَاض الْمَوْت قَدْ صَلِيت |
(١) كشف المشكل من حديث الصحيحين، لابن الجوزي (٢/ ٢٤٣).
(٢) انظر: فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٥٥٧).
(٣) محاسبة النفس، لابن أبي الدنيا، ص (٦٨)، قال ابن أبي الدنيا: حدثني أبي، ثنا عبد القدوس بن عبدالواحد الأنصاري، حدثني الحكم بن عبد السلام بن النعمان بن بشير الأنصاري: "أن جعفر بن أبي طالب حين قتل دعا الناس: يا عبد الله بن رواحة، يا عبد الله بن رواحة.... ".