تعالى: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨)) بدنو الله تعالى من نبيه - ﷺ -. (١)
يؤكد ذلك: أنَّ ثمة طرقاً أخرى عن ابن عباس، رُويتْ عنه ولم يأتِ في شيء منها ذِكْرُ آية الدنو، أو تفسيرها، ومن هذه الطرق:
١ - عن عكرمة، عن ابن عباس - في قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)) - قال ابن عباس: «إنَّ رسول الله - ﷺ - رأى ربه». (٢)
٢ - وعن أبي العالية، عن ابن عباس - في قوله تعالى: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١)) [النجم: ١١] (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)) - قال ابن عباس: «رآه بفؤاده مرتين». (٣)
٣ - وعن عطاء، عن ابن عباس - في قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)) قال: «إنَّ النبي - ﷺ - رأى ربه بقلبه». (٤)
٤ - وعن يوسف بن مهران، عن ابن عباس - في قوله: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١٨)) - قال: «رأى محمد - ﷺ - ربه عز وجل بفؤاده». (٥)
وكما ترى فإنَّ هذه الروايات صريحة بأنَّ ابن عباس كان يستدل بالآيات على إثبات الرؤية وحسب، وليس فيها أنه فسر قوله تعالى: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨)) بدنو الله تعالى من نبيه صلى الله عليه وسلم.
وهذا الذي فهمه ابن عباس من الآيات - في إثبات رؤية النبي - ﷺ - لربه تعالى - قد خالفته فيه عائشة، وابن مسعود، رضي الله عنهما؛ فعن عائشة، أنها سألت النبي - ﷺ - عن قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)) فقال: «إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنْ
_________
(١) ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الرواة عن ابن عباس رضي الله عنهما كثيراً ما يقع منهم تحريف وغلط عليه، وينسبون إليه أشياء لم يقل بها. انظر: تفسير آيات أشكلت، لابن تيمية (١/ ٤٦٠).
(٢) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١١/ ٥١٤)، وابن أبي عاصم في السنة (١/ ١٨٩)، وقال الألباني: «إسناده حسن موقوف»
.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (٢٨٥) - (١٧٦).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (٢٨٤) - (١٧٦).
(٥) أخرجه الدارقطني في «رؤية الله» (١/ ١٨٨).


الصفحة التالية
Icon