تفسير قوله تعالى: (وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً)
قال تعالى: ﴿وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا﴾ [الكهف: ٨].
فهذه الدنيا التي زينت وزخرفت سيأتي عليها يوم وكأن لم تكن، فإذا بالأرض تصبح صعيداً جرزاً، أي: أرضاً قاحلة، لا شجر فيها ولا نبات، ولا طائر يطير، ولا دابة تسير، ولا إنسان يتحرك، إذ يذهب الله بكل ما فيها وما عليها، بعد أن ظن الناس أن هذه الأرض التي زينوها وتعبوا فيها منذ آلاف السنين قديماً وحديثا، وأوصلوها إلى ما لم تكن عليه يوما لن تزول، وإذا بكل ذلك يدمر، فتصبح صعيداً زلقا وجرزاً لا ينبت، فليس فيها نبات ولا زهر، ولا نعيم، ولا ما يشرب ولا ما يؤكل، وتجف البحار والأنهار، وتنقطع العيون.
وهذه بداية الفناء، وإلا فبعد ذلك لا تبقى الأرض نفسها ولا السماء، قال تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨]، وقال تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٦ - ٢٧].


الصفحة التالية
Icon