تفسير قوله تعالى: (ومن يطع الله ورسوله ويخش الله)
﴿وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور: ٥٢].
يقول ربنا جل جلاله: من يطع الله فيما أمر به في كتابه ونهى عنه في كتابه، ومن يطع الرسول ﷺ فيما أمر به في سنته ونهى عنه في سنته، ويخش الله ويخافه على ما سبق منه من معصية ومن كفر ومن ظلم ومن ذنوب، مع توبته ومع استغفاره ومع ندمه على ما فات منه، فيجب أن يخاف أن يكون الله لم يقبل توبته ولن يرحمه بذلك؛ لأنه كان كاذباً، فهو يقول: أنا تائب وهو لا يزال يرتكب ذلك الذنب، والتوبة لا تتم إلا بالعدول عنه، والندم على فعله، والعزم على ألا يعود إليه، فإن حدث بعد هذا شيء فليجدد التوبة وهو يصر على هذه المعاني الثلاثة، ثم بعد ذلك عليه أن يلتزم التقوى، والتقوى: فعل الأوامر وترك النواهي، فالحل ما أحل الله، والحرام ما حرم الله، والتقوى: أن تجعل وقاية بينك وبين الباطل، بينك وبين المعصية، بينك وبين الذنوب، ولا تكون تلك الوقاية إلا بالعمل بكتاب الله والعمل بحديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، فمن أطاع الله، وأطاع الرسول، وخشي من ذنوبه أن يحاسب عليها، وألا تكون توبته قد قبلت منه، ثم اتقى الله فيما يعمله بعد أن التزم الفعل كما أمر الله ورسوله، أو ترك الفعل كما نهى الله عنه ورسوله، فهؤلاء عندها يكونون مطيعين لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، خائفين على أنفسهم من ذنوبهم، متقين فيما يعملونه من أعمالهم، وأولئك هم الفائزون الناجحون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون، وهؤلاء هم الفائزون برحمة الله ورضاه، ففازوا بخير الدنيا ونعيم الآخرة.
وهكذا الله جل جلاله يدلنا على الطريق المستقيم لنسلكه، وينفرنا من الطريق المعوج لنبتعد عنه، ويرشدنا إلى طريق أهل الاستقامة وإلى المؤمنين الصادقين لنفعل فعلهم ونسلك طريقهم، وينفرنا من الطريق المعوج طريق الظالمين لأنفسهم، طريق المنافقين والمشركين والكاذبين؛ لنبتعد عنها وننفر منها، هذا إذا كنا نريد الفوز ورضا الله ورحمته حقاً.