تفسير قوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات)
قال الله جل وعلا: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: ٥٥].
هذه الآية الكريمة تعتبر من آيات الله المعجزات التي أخبر الله وبشر بها نبيه والصحابة والمؤمنين بأن ينصرهم ويملكهم الأرض، ويجعلهم خلفاء فيها، ويزيل خوفهم، وقد كان ذلك كله بعد ما كان في مكة من الخوف والاضطهاد والظلم والإيذاء وسفك الدماء والصد عن الله والإسلام.
فالله وعد ووعده الحق، وعد الذين آمنوا من الناس وعملوا الصالحات، وكان إيمانهم لساناً وجناناً وأركاناً، فيفعلون ما يقولون، وعدهم وأقسم بذاته العلية (ليستخلفنهم) اللام موطئة للقسم، أي: سيجعلهم خلفاء يحيون بإذنه، ويقتلون بإذنه، ويتصرفون في العباد بما يروه صالحاً عدلاً حقاً، وهكذا كان سلفنا الصالح، فالنبي عليه الصلاة والسلام بعد سنين كانت كلها ظلم واضطهاد، إذا بالله الكريم لم يذهب بمحمد ﷺ إلى الرفيق الأعلى حتى مكنه من رقاب العباد في جزيرة العرب، فأصبح الحاكم والقاضي والموجه.