تفسير قوله تعالى: (ليس على الأعمى حرج)
ثم قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ﴾ [النور: ٦١] إلى آخر الآية.
قال بعض المفسرين: هذه الفقرات من أول الآية -أي: قوله: (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) - في ألا يقاتل ويحارب، وهو معذور بمرضه أو بعرجه أو بعماه، وإن كان قد قال بهذا كثير من السلف لكن الآية لا تدل على هذا المعنى هنا، وهذا المعنى مذكور عند آيات الجهاد، والآية تدل على أدب وذوق آخر، وهو في الأكل في الأسرة والعشيرة والأقارب بإذن وبغير أذن.
وأما على المعنى الأول فما علاقة الأعمى والأعرج والمريض في هذه الآية بالحرب والقتال؟! فالحرب والقتال لم يذكرا في السورة كلها منذ البداية، إذاً فما المعنى؟! والمعنى ما قاله بعض الصحابة والتابعين: وهو أنه يأتي المريض والأعمى والأعرج ليأكل أو يشرب في بيت أحد من أقاربه كأبيه أو أمه، أو أخيه أو أخته، أو عمته أو عمه، أو خاله أو خالته، أو صديقه، فالأعمى قد يتحرج ويقول: أنا جئت إليك يا قريبي فلان فكيف تأخذني عند العشيرة! فقال الله له: لا حرج في ذلك، أي: إذ ذهب بك إلى عشيرتك وأقاربك، فبيوت الأقارب بيوت مشتركة للكل، وبهذا المعنى تبقى الآية مفهومة مفسرة.


الصفحة التالية
Icon