المراد بنفي الحرج عن المعذورين
أما في هذه الآية فالمعنى ليس كذلك، والمعنى: المريض أو الأعرج أو الأعمى يريد أن يأكل عندي في البيت من تلقاء نفسه فأرحب به، ولكن قد يتفق لسبب من الأسباب بألا يكون الأهل في البيت، وألا يكون في البيت أحد، فلا يأخذه المضيف من بيت أبيه أو أمه أو عمه أو عمته -إلى آخر من ذكر الله- إلى مكان آخر، فكان هؤلاء المعذورون يتحرجون ويتأسفون ويقولون في أنفسهم: جئنا إليك، وعندما سنأكل من طعامك أو ندخل دارك فذلك بإذن منك وترحيب، وأما هؤلاء فلا نعرفهم، وكيف ندخل بيوتهم بغير إذن منهم، ونأكل طعامهم ولا ندري هل يرضون أم لا، فقال الله لهؤلاء: لا تتحرجوا ولا تتأسفوا؛ إذ الابن أو ابن الأخ أو ابن الخالة أو ابن العم ونحوهم، إن أخذك إلى بيته فأنت حر التصرف في ذلك؛ لأن الله فتح لك هذه البيوت جميعاً، وصرت كعضو من أعضاء الأسرة، فلتدخل ولتأكل ولتشرب ولتصنع ما يصنعه عضو البيت، فلا يتحرج هؤلاء، وكانوا يتحرجون أيام الحياة النبوية من مثل هذا، ويظنون أن ذلك ليس لهم بحق، فأعلمهم الله هنا: أن هؤلاء إذا جاءوكم وأردتم أن تأخذوهم لمن ذكر من هؤلاء الأقارب فلا مانع ولا حرج ولا إثم عليهم.
هذا هو المعنى الأقرب للمقصود بالآية، أي: الذي يزيل الحرج والتأثيم عنهم.