حكم التسليم عند دخول المنزل
ثم قال تعالى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾ [النور: ٦١].
أي: إذا دخلت بيتك ودارك وفيه زوجتك وأولادك أو أقاربك، فلا تدخل إلا بعد السلام، قائلاً: السلام عليكم! وهم يجيبونك، وإن جئت بيتك ولا أحد فيه فسلم أيضاً وقل: السلام علينا من ربنا؛ لأن الله يقول: ﴿تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [النور: ٦١]، ولا شيء أبرك وأكرم من ذلك: السلام علينا من ربنا، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، والملائكة ترد عليك وتجيبك قائلة: وعليك السلام.
قال تعالى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا﴾ [النور: ٦١] أي: بيوتكم ﴿فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ﴾ [النور: ٦١] يدخل في ذلك زوجتك وابنتك وأعضاء الأسرة إذا كانوا داخل البيت، فسلم عليهم عندما تدخل ولو دخلت في اليوم مرات، فإن لم تجد أحداً وكنت فيه وحدك لسبب من الأسباب فسلم أيضاً قائلاً: السلام علينا من ربنا، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وأراد البعض أن يفسر (بيوتكم) ببيوت الله، قال: إذا دخلتم بيوت الله فقولوا: السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان بعض السلف يفعل ذلك، لكن الآية في الأقارب وليست في المساجد، والبيوت بيوت الأقارب وليست بيوت الله، على أن بيوت الله نحييها عند دخولها بأن نصلي ركعتين لله تعالى، وإذا دخلنا بيت الله الحرام ونظرنا الكعبة نقول: (اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)، والتحية في بيت الله الحرام إن كان من الساكن في البلد فصلاة ركعتين، وإن كان من الآتي من الخارج فالتحية بالطواف بالبيت.
وعند الدخول للمسجد النبوي لا بد أن تقول: السلام عليك يا رسول الله! ثم تستقبل القبلة أولاً، وتصلي ركعتين، وبعد ذلك تسلم على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
هذه الآداب الرقيقة آداب الإسلام لم يتركها الله لنبيه ولا للعلماء، وإنما تولاها بنفسه جل جلاله، وعلمها لعباده، وترك التفاصيل لنبيه وخلفائه من العلماء، وهذه الآداب الإسلامية الدالة على نبل الإسلام وحضارته، ولم يقل كثير من الأئمة: هذه آداب فقط بل هي واجبة؛ لأن الله أمر بها، والأمر إذا صدر عن الله أو عن رسوله ﷺ وليس هناك ما يدل على كونه سنة أو مستحباً فالأمر حينها إذا أطلق لا يراد به إلا الفرضية والوجوب، ففي قوله تعالى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ﴾ [النور: ٦١] أمر من الله بالسلام.
ثم قال تعالى: ﴿تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [النور: ٦١] فهي تحية من الله جل جلاله وعلا مقامه، فيأمرنا أن نحي أنفسنا ونسلم عليها.
ثم قال تعالى: ﴿مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾ [النور: ٦١] (مباركة) أي: جميله، و (طيبة) أي: حسنة، فيها النماء والزيادة والخير، وهذه التحية التي من الله جل جلاله هي طيبة ومن خير التحيات؛ لأنها من عند الله، ولا يترك هذه الآداب والرقائق إلا جاهل أو منتكس؛ لأنها من الله، وما كان من الله ففيه الخير والبركة والأجر والثواب، وفي الطاعة والامتثال كل الخير.


الصفحة التالية
Icon