تفسير قوله تعالى: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل)
قال تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان: ٢٣].
أي: عمدنا وجئنا، فهؤلاء الذين عاشوا مشركين وماتوا مشركين يعمد الله جل جلاله إلى أعمالهم التي قاموا بها في الحياة الدنيا والتي يظنون بها أنهم أحسنوا بها صنعاً، وأنها أعمال خير وفلاح وصلاح فيجعلها هباءً منثوراً مشتتاً ضائعاً.
والهباء هو ذلك الغبار الذي يكون في الكوة عندما تشرق عليها الشمس، فيرى غبار منثور لا يمس باليد ولا يرى في الظلام، فهو لا يذكر ولا حساب له ولا عبرة به.
أي: إن الله يذر أعمالهم ويشتتها حتى تصبح هباءً موزعة منثورة، كذلك الهباء الذي يرى في الكوة وفي النافذة عندما تشرق عليها الشمس فيرى متناثراً، ولا يرى في الظل ولا يمسك باليد، ولو فرضنا أنهم تصدقوا وأعطوا وأحسنوا فهم لا يفعلون ذلك إخلاصاً لله، ولا إيماناً برسل الله، ولا طاعة لأوامر ربهم ونبيهم، فهم لا يفعلون ذلك ديناً ولا امتثالاً، وإنما يفعلونه ليقال وليتظاهروا به رياءً، وقصدهم من ذل الذكر والرياء والسمعة، وها قد سمع ذلك ورئي منهم.
وأما أن يجازوا عليه بالجنة وبالرحمة فهم في الأصل لا يؤمنون بجنة ولا برب الجنة، ولا يؤمنون بيوم البعث والنشور.