معنى قوله تعالى: (وكفى به بذنوب عباده خبيراً)
قال تعالى: ﴿وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٨].
أي: كفى به محصياً، وكفى به محيطاً بذنوب خلقه وعباده، وكفى به خبيراً، فهو يعلم كل أعمالنا، وكل ما يصدر عنا، فيحاسبنا على ذلك يوم القيامة، فإن كانت هناك ذنوب مع التوحيد فإنه تعالى إن شاء غفر وإن شاء عذب بقدر الذنوب، وإن كانت هناك ذنوب مع الشرك فالله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وهذا تحذير من الله، يحذرنا نفسه جل جلاله وعلا مقامه، وذلك أن جميع ذنوبنا هو خبير بها مطلع عليها، يعلم جليلها وحقيرها، وكبائرها وصغائرها، فإذا نحن علمنا ذلك علم يقين اتخذنا لذلك عدته، فأقلعنا عن الذنوب، واستغفرنا ربنا مما مضى، وتبنا لما هو آت، ورجونا أن يغفر الله ذنوبنا وألا نعود إليها قط بمقدار طاقتنا وجهدنا.
فهذا تحذير من الله لنا بأنه يعلم كل ما يصدر عنا، والكلام هنا في الذنوب والآثام والمعاصي، فهو تحذير من الله تعالى لكل المشركين وعصاة الموحدين.
قال تعالى: ﴿وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٨] (خبيراً) منصوب على التمييز، أي: كفى بالله خبيراً، وكفى بالله عليماً، وكفى بالله مطلعاً على جميع ما يصدر عنا، حتى إذا علمنا ذلك وتيقناه عملنا بمقتضى ذلك، فتبنا إليه وأنبنا، وجددنا التوبة، وعملنا عملاً صالحاً، عسى الله أن يغفر لنا ما مضى.