تفسير قوله تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا)
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: ٦٧].
هؤلاء المؤمنون عباد الرحمن إذا أنفقوا لا يسرفون ولا يقترون، والإسراف: هو إعطاء المال في غير ما يجب له، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾ [الإسراء: ٢٧]، والتقتير: هو البخل وإمساك اليد.
فهؤلاء لا ينفقون أموالهم إلى حد التبذير والإسراف وضياع المال، ولا يقبضون أيديهم إلى درجة البخل ومنع أهل الحقوق حقوقهم.
وقد فسر الآية الحسن البصري فقال: لا يقبضون أيديهم فيجيعون أهلهم وأولادهم في النفقة، ولا يسرفون بصرف مالهم كله لهم فيصبحون وقد افتقروا، فلا يستطيعون شراءً ولا بيعاً ولا معاملة.
وقال غيره: الإسراف لا يكون إلا في باطل، بحيث ينفق أكثر مما يحتاج إليه، أما في سبيل الله فمهما أنفق في ذلك فإنه لا يعاب ولا يلام، ولا يقال: هذا مسرف ولا مبذر.
والتقتير أيضاً لا يسمى كذلك إلا إذا أمسك المرء يده عن حسنة أو عن عمل في سبيل الله.
وقد قال الله تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ [الإسراء: ٢٩]، فلا تغل يدك إلى عنقك -وهذه كناية عن البخل الشديد- حتى إذا حاولت أن تتصرف بها وجدتها مربوطة مغلولة إلى العنق، (ولا تبسطها كل البسط) فتبذر.