تفسير قوله تعالى: (وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء)
قال تعالى: ﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ﴾ [النمل: ١٢].
هذه هي المعجزة الثانية والآية الثانية والعلامة الثانية التي سيذهب بها الكليم موسى عليه السلام إلى فرعون وقومه، حيث أمره الله تعالى بكلامه فقال له بكلامه جل جلاله بلا واسطة ملك: ﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ [النمل: ١٢]، أمره بأن يدخل يده في جيبه، قيل: وكان لابساً مدرعة صوف لا أكمام لها، ولعل هذا القول فهم من برودة الجو، ومن شأن الذي يعيش في فصل البرد أن يلبس الصوف، هذا إذا كان موسى قد وجد الصوف.
فأمره تعالى بأن يدخل يده في جيبه فقال: ﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ﴾ [النمل: ١٢]، فأدخلها ثم أخرجها فإذا بها كالكوكب الدري تبرق كالبرق الذي يكاد يأخذ الأبصار سناه ونوره.
(من غير سوء): فليس ذلك النور برصاً ولا مرضاً ولا بياضاً ضاراً للون البشرة، فأعطاه الله هاتين المعجزتين والعلامتين والآيتين ليذهب بهما إلى من أمره بالذهاب إليهم.
قال تعالى: ﴿فِي تِسْعِ آيَاتٍ﴾ [النمل: ١٢] من القمل والضفادع والدم وغير ذلك، وما زادهم ذلك إلا طغياناً واستعلاء وتكبراً وتجبراً إلى أن أخذهم الله جزاء وفاقاً لكفرهم.
قال تعالى: ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ﴾ [النمل: ١٢].
أمره أن يذهب إلى فرعون وأن يقول له: إني رسول رب العالمين إليك، وإن هذه آيتي وهذه علامتي.
ثم قال الله عنهم: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ [النمل: ١٢] فقد كان فرعون فاسقاً متألهاً كاذباً، ومن قبلوا منه دعوى الإلهية الكاذبة كانوا فسقة مثله، وكذبة مثله، وضلالاً مثله.