معنى قوله تعالى: (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم)
قال تعالى: ﴿قَالَتْ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ﴾ [النمل: ٢٩] ممن؟ ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ﴾ [النمل: ٣٠].
قال جمهور المفسرين: إن سليمان كتب: (من سليمان إلى ملكة سبأ: بسم الله الرحمن الرحيم)، والأولى أن يقال: بسم الله الرحمن الرحيم، من سليمان إلى بلقيس ملكة سبأ.
أما أن يقال: (من سليمان إلى ملكة سبأ: بسم الله الرحمن الرحيم) فليس هذا شأن الرسائل النبوية، ولا كانت رسائل الخلفاء الراشدين على هذه الطريقة، ولا كان ذلك معروفاً من المراسلة بين كبار القوم صحابة وتابعين.
والذي يظهر أنها أخبرتهم بعد أن وصفت الكتاب وشرفته فقالت: ﴿يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ﴾ [النمل: ٢٩ - ٣٠] تخبرهم وتقول لهم: هذا الكتاب كريم؛ لأنه من سليمان، فهو الذي كتب إلي، وهو الذي تحدث إلي، وهو الذي قال ما سأمليه عليكم بالنص، فنصه: (بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين).
أمرهم أن لا يعلوا عليه، وألا يتكبروا، وأن لا يتجبروا، وأن يأتوه مستسلمين خاضعين، لا مسلمين بمعنى الإسلام، ولكن أمرهم بأن يأتوه ليحقق معهم، وليعلم قصتهم، إذ كيف يمكن أن يوجد قريباً منه من يعبد الشمس من دون الله، ويدعوا لها قومه، ويدعوا لها الناس، وهو نبي الله بين ظهرانيهم، أيجوز له أن يقرهم على ذلك، وأن يقبل ذلك منهم؟! كلا.


الصفحة التالية
Icon