ذكر بعض ما قيل زيادة على ما أورده القرآن بشأن بلقيس
وقد أنهى الله القصة هنا، فقال القصاص الإسرائيليون، عندما رأى سليمان رجليها رآها شابة فارعة على أجمل ما تكون، ولكن ساءه أن يجد في ساقيها شعراً، فنادى الجن ليزيلوا هذا الشعر فأتوا بالموسى، فامتنعت هي من استعمال الموسى، وقالت: لا أستعملها.
فقال سليمان للجن: ائتوني بشيء غير الموسى، فأتوا بالنورة، وهي مادة توضع على الشعر فيسقط ويزول، فعادت ساقاها من أجمل ما يرى.
قالوا: وبعد ذلك تزوجها وأولدها وأصبحت ذات شأن عند سليمان.
أمر لم يقله القرآن، ولا النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يرو عن الصحابة إجماعاً، وإنما روي عن بعضهم، وهم الذين كانوا يروون عن وهب بن منبه وكعب الأحبار ونوف البكالي، وهؤلاء كانوا يهوداً فأسلموا، وملئوا صحائف التفسير -كما قال ابن كثير - بالغرائب والعجائب والأكاذيب والأباطيل التي لا حقيقة لها.
وبعضهم يقولون عن ذلك: هكذا في الكتب القديمة، وقرأنا في التوراة وقرأنا في الإنجيل، وهم يكذبون، فلا يوجد ذلك في التوراة وهي معلومة بين الناس، ولا في الإنجيل وهو معلوم بين الناس، ولكن أرادوا أن يغربوا، وأكثر هؤلاء الذين زعموا الإسلام كانوا منافقين كذبة، ادعوا الإسلام وهو منهم بريء.
وقال قوم -وهو الأشبه بفعل الأنبياء والمرسلين-: إن سليمان لم يلتفت إليها، ولكن عرض عليها أن يزوجها بمن تشاء من قومها، فقالت: يا نبي الله! أملكة تتزوج رجلاً؟! قال: نعم.
ولا بد من الزواج، ولا يصح أن تعيش امرأة بلا زوج، قالت: إذا كان هذا لا بد منه فبـ ذي يزن أحد ملوك اليمن المستقل بمقاطعة وإقليم، فأرسل إليه سليمان وزوجه بها، وأعادها لأرضها، وسلمها عرشها، وآمن قومها، وأصبحت أرضها على يد سليمان أرض إيمان وتوحيد لله، فلم يطمع في عرش، ولم يطمع في امرأة، وقد كانت له مائة زوجة حرة، ومئات من الإماء، فما عسى أن تكون بلقيس؟ فسليمان في مقام نبوته ومقام رسالته لم يطمع بها، ولم يتزوجها، ولم يأخذ عرشها، ولم يأخذ بلدها.