تفسير قوله تعالى: (ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً)
قال الله جل جلاله: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ﴾ [النمل: ٤٥].
يخبرنا الله جل جلاله بأنه أرسل إلى قبائل ثمود أخاهم صالحاً، أي: أخاهم نسباً وعشيرة وقد كانوا ذوي حضارة وذوي بأس وذوي قوة، ولكنهم مع ذلك كانوا أهل شرك، وأهل ظلم، وأهل إفساد فأرسل الله إليهم نبيه صالحاً يأمرهم بعبادة الله وحده وتركهم لعبادة الأوثان والأصنام، فطلبوا معجزة، وهي أن يخلق الله لهم ناقة طولها كذا وعرضها كذا، وأن تكون حاملة في شهرها العاشر، وأن ينفجر بها صخر فتخرج كما لو عاشت قبل ذلك سنين، فكان ذلك، فما زادهم ذلك إلا عتواً واستكباراً وظلماً في الأرض.
لقد أمرهم الله تعالى بواسطة نبيهم صالح أن يعبدوا الله وحده ويتركوا الأوثان والأصنام ﴿فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ﴾ [النمل: ٤٥] فأصبحوا فريقين: فريق آمن بالله وترك الأوثان والأصنام، وفريق بقي على شركه وبقي على وثنيته، فضاروا يختصمون: هذا ينصر دينه الباطل، والمؤمنون ينصرون دينهم ويستدلون على صحته بما ورد عن صالح من المعجزات، وبما عرفته نفوسهم وآمنت به عقولهم مما لا ينكره ذو عقل سليم.