تفسير قوله تعالى: (وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض)
ثم قال الله عن قادة الكفر والفساد: ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ﴾ [النمل: ٤٨].
كان في أرض ثمود في الحجر بين حدود الحجاز والشام تسعة رهط، والرهط: الجماعة، ومعنى ذلك أنهم تسعة رجال يتزعمون تسع جماعات بأنواع الفساد، وأنواع الفتنة، وأنواع الكفر، يؤلبون على رسول الله صالح عليه السلام، ويؤلبون على من آمنوا به من أقوامهم وعشائرهم، وهؤلاء التسعة هم من كبرائهم وزعمائهم، وذكروا لهم أسماء، وما تلك الأسماء إلا عن مثل وهب بن منبه وكعب الأحبار وأمثالهما، والقول بذلك لا يسانده آية من كتاب الله ولم تؤيده سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسماء هؤلاء الرهط التسعة لا يزيدون ولا ينقصون، وإنما ضربوا مثلاً في أعمالهم لا في أسمائهم، ولو كان في أسمائهم مغزى وفائدة لذكرت أسماؤهم في القرآن أو لذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقوله تعالى: ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ﴾ [النمل: ٤٨] أي: في مدينة الحجر -مدينة قوم ثمود- تسعة أشخاص من زعمائهم وكبرائهم يفسدون في الأرض ولا يصلحون، حيث يخالفون، ويؤلبون على أهل الحق، ويدعون لعبادة الأوثان والأصنام، فما قال صالح من دعوة إلى الله إلا وأتى هؤلاء التسعة فخالفوه ودعوا قومهم إلى عدم طاعته وعدم امتثال أمره.
قال سعيد بن المسيب: كان يأتون إلى الدنانير والدراهم فيقطعونها ويكسرونها، وينقصون من وزنها، فيأخذون حقوق الناس في هذه الدنيا، وهذا أمر قد حرمته الشريعة، وحرمته الشرائع السابقة.
هذا وقد كان جرمهم وإفسادهم أكبر من ذلك، وليس بعد الكفر ذنب، فهم يدعون إلى الكفر وإلى الشرك وإلى البقاء على عبادة الأصنام وترك الإيمان بالله، ومخالفة رسول الله صالح نبيهم، فهم مفسدون بكل نوع من أنواع الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فالله وصفهم بالإفساد وعدم الإصلاح.


الصفحة التالية
Icon