تفسير قوله تعالى: (وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين)
قال تعالى: ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ﴾ [النمل: ٥٨].
أمطر عليهم ما يشبه المطر، والمطر عندما ينزل ينزل بالآلاف بل بالملايين، وهكذا كان الرجم بالحجارة ينزل نزول المطر، فسحقهم ودمرهم، وجعل الله عالي بلادهم سافلها، وفنيت معهم الأرض إلى الآن، وأصبحت موضع بحيرة سميت بالبحر الميت، فهذا البحر الميت لا ينبت وليس فيه حياة، فليس فيه سمك ولا غيره من أنواع الأحياء البحرية، ويطمع اليهود اليوم في أن يجدوا فيه شيئاً، ولكنهم لن يجدوا إلا اللعنة والخراب والدمار، وذلك شأنهم، فاللعنة منهم خرجت وإليهم تعود، وما يحصل لهم إنما هو استدراج للقضاء عليهم، وذلك وعد الحق، قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ﴾ [الأعراف: ١٦٧].
قوله: ﴿فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ﴾ [النمل: ٥٨]، أي: فما أسوأ وأقبح مطر المنذرين الذين أنذرهم رسولهم العاقبة، وأنذرهم النهاية، وأمرهم بأن يتوبوا إلى الله، ويعودوا إلى رحمته، ويتوبوا مما صنعوا، ويكفوا عما هم فيه، وإلا فسيحل عليهم عذاب لم يحل مثله على أحد ممن سبق، ولكنهم مع ذلك ما زادوا إلا عصياناً واستكباراً في الأرض واستعلاء على نبي الله لوط، وقد سبق أن قلنا: إن لوطاً ابن أخي إبراهيم، وكان في عصره إبراهيم خليل الرحمن وأبو الأنبياء.
فما أسوأ وأقبح مطر قوم أنذروا قبل ولم يقبلوا النذارة ولم يقبلوا النصيحة، فكيف تكون العاقبة؟! ستكون تدميراً وهلاكاً ولعنة مستمرة.