تفسير قوله تعالى: (قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون)
يقول تعالى: ((قُلْ)) أي: قل -يا رسولنا- لهم: ﴿عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ﴾ [النمل: ٧٢].
أي: عسى أن يكون قريباً ما استعجلتموه من عذاب ونقمة وبطش، فلا تستعجلوه، فهو آت لا محالة، ومصيبكم في الدنيا قبل الآخرة لا محالة، فقد حدث هذا بالسابقين، أخذوا بغزوة بدر بين قتيل وشريد وأسير، وطردوا من مكة المكرمة بعد أن دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن آمن أطلق من العقوبة، ومن أبى إلا الكفر أجل أربعة أشهر، ثم بعد ذلك طوردوا، ونزل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ [التوبة: ٢٨] بعد أن كانوا سادة البلد وقادتها وموجهيها، وهم الذين حاولوا إبعاد رسول الله ﷺ عنها، ومنعوه من أن يدخلها معتمراً إلا بعد سنة، فإذا بهم أذلاء بين يديه، ففعل بهم كما شاء، ولعذاب الله أشد وأنكى.