تفسير قوله تعالى: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين)
ثم قال الله لنبيه: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [النمل: ٦٩] يقول لنبينا: قل -يا رسولنا- لهؤلاء: ((سِيرُوا فِي الأَرْضِ)) فتنقلوا وسيحوا وانظروا في آثار من سبقكم من أمثالكم من المجرمين، كقوم نوح، فلا تزال آثارهم في الأرض، والحفريات التي تتجدد في كل قطر وفي كل إقليم فيها من العجائب والغرائب ما يؤكد ذلك، ونحن لا نحتاج إلى تأكيد، ولكن هذا دليل لهؤلاء الجاحدين الكافرين المنكرين.
وقد كنت في متحف حكومي في لبنان، وإذا بصاحب المتحف يخرج لي صليباً ويقول: هذا الصليب مضى عليه قرون، فقلت: كم؟ قال: أكثر من عشرة قرون، والصليب شعار النصارى، فقلت له: صدق الله، وصدق نبينا ﷺ فيما بلغنا به عن الله؛ إذ قال الله عن عبدة الأوثان: ﴿يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ﴾ [التوبة: ٣٠] فهم في كفرهم كانوا مقلدين قردة، والصلب هو الفداء فيما يزعمونه، وقد وجد الصليب في وثنيين سبقوهم، وكفار تقدموهم.
فالله تعالى يقول: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [النمل: ٦٩]، فانظروا كيف كانت عاقبة قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط الذين عاشوا على أرض سدوم التي هي جزء من فلسطين، ومكانها يسمى اليوم بالبحر الميت، فهذا البحر ميت لا يعيش فيه سمك ولا دواب، ورائحته كريهة.
فأرض قوم لوط قد قذفت ورميت بالحجارة المنضدة من جنهم وبئس المصير.
وقبل سنوات قريبة أرسل ملاحدة مرتدون من الشيوعيين في أرض روسيا بعثة استكشافية، فقالت هذه البعثة: لقد ظهرت القنبلة الذرية قديماً، فلابد من أن قوم لوط ضربوا بقنبلة ذرية، فأصبحت الأرض هكذا.
وهذا صحيح، ولكن الضارب لهم هو ربنا جل جلاله.
وهكذا فعل بقوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وبـ فرعون وقومه، وإذا جاء فعل الله لا يبقى للبشر فعل ولا عمل.