تفسير قوله تعالى: (فتوكل على الله إنك على الحق المبين)
قال تعالى: ﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ﴾ [النمل: ٧٩].
أي: اجعل الله وكيلك -يا رسولنا- واجعله مآلك ونصيرك ومؤازرك ومعينك، فأنت على الحق الذي لاشك فيه، وكل من سواك على الباطل والضلال، إلا من آمن بما جئت به، وصدق الكتاب الذي أنزل عليك، وآمن بالله واحداً وآمن بك نبياً عبداً خاتماً للأنبياء، فاجعل الله وكيلك، فهو الذي لا يكلك إلى غيرك، ويتولى أمورك وينصرك على من عاداك.
﴿إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ﴾ [النمل: ٧٩] أي: فأنت -يا رسولنا- بالنور الذي أنزل عليك، وبما بعثت به من رسالة على الحق البين الواضح المشرق المنير، فلا تتردد في بلاغ الرسالة، ولا تتردد في دعوة الناس إلى دينك، وإلى الكتاب المنزل عليك، فأنت ذو الحق المبين المشرق المنير الذي لا حق سواه، ولذلك لا يقبل الله تعالى من الناس بعد رسالة محمد ﷺ إلا الإسلام، ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: ٨٥].
فلا يقبل غير الإيمان بالقرآن كلام الله الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا يقبل غير الإيمان برسالة محمد خاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه، فكل رسالة بعده باطلة، فكل من ادعى النبوءة أو ادعى أنه أوحي إليه بعد ذلك فهو ضال مضل.
والنبوءات والرسالات السابقة نؤمن بها على أنها كانت حقاً يوماً وأرسل أصحابها إلى أقوامهم خاصة، ثم بعد ذلك انتهت نبواتهم واقتصرت على أقوامهم، فلم تبق خالدة دائمة إلى يوم القيامة إلا الديانة الإسلامية والرسالة المحمدية، وما سوى ذلك قد انتهى ونسخ، وما بقي من كتبها قد غير وبدل ونسخ.


الصفحة التالية
Icon