تفسير قوله تعالى: (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض)
قال تعالى: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ﴾ [النمل: ٨٢].
يقول تعالى: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ﴾ [النمل: ٨٢] إذا وقع القول باللعنة وبالغضب وبالعذاب وبالمحنة ((أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ))، يخرج لهم دابة من الأرض (تكلِّمهم)) وفي قراءة: (تَكْلُمُهُمْ) أي: تجرحهم، وتقول بالكلام إن الناس كانوا بآيات الله لا يوقنون، فأكثر الناس لم يكونوا موقنين، حتى بعض المسلمين، فهم مسلمون باللسان شاكون ومرتابون في آيات الله ودينه غير موقنين به، ولا راسخين في الإيمان به.
يقول تعالى في هذه الآية الكريمة: إذا حل غضب الله وبعد أن أمهل الله عباده دهوراً الله أعلم بمددها وأزمانها -والله يمهل ولا يهمل- أخرج لهم من الأرض دابة تكلمهم وتقول لهم: إن أكثر الناس كانوا لا يوقنون، فهم مؤمنون بالألسن غير متيقنين، وغير مخلصين في الإيمان، فهم يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، يقرءون في كتاب الله تحريم الكذب، والزنا، والسرقة، والربا، والظلم، ولكنهم يرتكبون كل ذلك، فيكذبون ويزنون ويسرقون ويرابون ويأكلون أموال اليتامى ظلماً.
والقرآن يأمرهم بخمس صلوات في اليوم والليلة، وبصيام شهر رمضان، وبزكاة الأموال، وبحج بيت الله الحرام، وبالصدق، وباليقين، وبحسن المعاملة، ويحذرهم من موالاة اليهود والنصارى، فيقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٥١]، ومع ذلك يخالفون كل ذلك، فتجد بعض الذين يزعمون الإيمان والإسلام يوالون اليهود والنصارى ويجرون خلفهم.
فعندما تصل الحالة إلى هذا في آخر الزمان يخرج الله للناس دابة تتكلم بفصيح الكلام باللغة العربية كما قيل، وتقول للناس: هذا كافر، وهذا مؤمن، وتخبر عن أكثر الناس بأنهم كانوا لا يوقنون، فإيمانهم ليس عن يقين، ولا عن ثبات، ولا عن صدق وإخلاص، والدابة قد تكلم بها القرآن كما نرى، وجاءت بها السنة النبوية، والنطق المحمدي يزيد الآية بياناً.


الصفحة التالية
Icon