تفسير قوله تعالى: (حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي)
قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النمل: ٨٤].
إذا جاء هؤلاء المكذبون الكفرة من أمة نوح إلى أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله؛ إذا جاءوا للحساب والعقاب قال الله لهم: ﴿قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا﴾ [النمل: ٨٤].
أكذبتم -يا هؤلاء- بآياتي حال كونكم لم تحيطوا بها علماً، ولم تنتظروا أن تفكروا فيها وتبحثوا، فتسألوا شيخاً أو عالماً، أو تبحثوا عن داعية يعلمكم دينكم؟! يقول تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا﴾ [النمل: ٨٤]، فلم تحيطوا بها علماً ولا معرفة، بل قيل لكم: آمنوا بالله واحداً فقلتم: لا نؤمن، وقيل: آمنوا بمحمد عبداً ونبياً فقلتم: لا نؤمن، وقيل: آمنوا بالقرآن أنه كلام الله، فقلتم: لا نؤمن، وما بحثتم ولا درستم، ولا حققتم، بمنطق عقل، ولا بمنطق نقل، ولا بسماع من محقق عالم عارف.
قال تعالى: ﴿أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النمل: ٨٤] في هذه المدد الطويلة التي عشتموها من أعماركم، فلم تفكروا يوماً لعلكم تعودون إلى الله، ولعلكم ترجعون إليه فتسألون عن دينكم، وعن كتاب ربكم ورسوله، ولكنكم عشتم في الباطل وفي ضلال وفي فسوق وعصيان، والآن قد جئتم ورأيتم ما كذبتم به، وعشتم في واقعه، فتحملوا نتيجة عصيانكم ونتيجة كفركم.


الصفحة التالية
Icon