تفسير قوله تعالى: (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى)
وإذا باليوم الثاني، قال تعالى: ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [القصص: ٢٠].
أي: بلغ الخبر فرعون، وجاء رجل من قصر فرعون (يَسْعَى) أي: يهرول ويجري، ويبادر ليبلّغ موسى قبل حبسه وقتله وتوصل فرعون لإيذائه والبطش به.
قالوا: هذا المبلّغ كان مؤمن آل فرعون، الذي أخبر الله جل جلاله عنه في سورة غافر، ويقال: اسمه شمعون، وقيل: شميع، وهذه أسماء لا أصل لها ولم تُذكر في القرآن، ولم تثبت في السنة؛ وإنما هي أشبه بالإسرائيلية.
(وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ) أي: من أبعد المدينة حيث يسكن فرعون على ثلاثة أميال من مصر كما قالوا، وأقصى المدينة تدل على ذلك، وسرعته وسعيه وجريه للوصول إليه يؤكّد ذلك.
(قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ) أي: يتآمرون عليك ويتباحثون في الانتقام منك جزاءً لما صنعت بالقبطي من قومهم وجماعتهم، ومن رجالهم.
(فَاخْرُجْ) أي: اترك البلد واخرج منه (إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) أي: أنا أنصحك يا موسى إن كنت تريد حياتك والحفاظ عليها، فإن القوم تجمّعت لهم عنك مؤاخذات في شتمك وتسفيهك لـ فرعون، وعدم اعتقادك بألوهيته، وبقتلك للقبطي، وبدفاعك عن قومك، هذا الذي يريد الآن فرعون أن يبطش بك وينتقم لجماعته منك ولنفسه.
(فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) أي: أمحضك النصح وأحثك على خير نفسك، وألا ينالك من الجماعة مكروه.


الصفحة التالية
Icon