تفسير قوله تعالى: (ولما توجه تلقاء مدين)
قال تعالى: ﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [القصص: ٢٢].
ترك مصر وأخذ الطريق إلى أرض مدين وهو لا يعرف طريقاً أقبل بوجهه سائراً إليها لا يعرف طريقاً، ولا يعرف مسلكاً، وهو خائف من أن يراه أحد يعرفه فيقبض عليه ويسلّمه لـ فرعون، فهو مع هذا مترقّب ومتخوف ومتوجس شراً من هؤلاء.
قوله: (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ) أي: تلقاء أرض مدين.
(قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ) يرجو ربه ويدعو إلهه جل جلاله أن يهديه للطريق السواء المستقيم، حتى يصل إلى قبائل مدين وأرض مدين، وهي على بعد ثلاثة أيام من مصر بسير الإبل.
فاستجاب ربه له، وقطع الطريق خلال أيام ليس معه إلا ربه، قالوا: خرج جائعاً عطشان في مثل هذه الصحاري، ما تجرأ أن يطلب طعاماً، وخاف من أن يتكلم، أو أن يطلب ماءً، والحذاء كذلك قد تآكل، فأخذ يمشي في هذه الصحاري مع شدة الحر، يصل الليل بالنهار إلى أن وصل إلى بئر يستقي منها الناس، قال تعالى: (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ) ولم مدين؟ مدين أرض أجداده، ومدين هو ابن إبراهيم عليه السلام، وموسى من سلالة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، أراد أن يذهب إلى أرض فيها آثار عشائره، وفيها آثار آبائه ليس فيها حكم فرعون ولا حكم الأقباط أخذ الطريق ودعا ربه أن يهديه الطريق المستقيم إلى مدين، ووصل مدين وهدي إلى الطريق.


الصفحة التالية
Icon