تفسير قوله تعالى: (ولكنا أنشأنا قرونا)
قال تعالى: ﴿وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ [القصص: ٤٥].
الكلام هنا مع اليهود والنصارى أولاً، ثم مع الكفار عموماً من كفار مكة والجزيرة إلى كفار الأرض بكل مللهم وأجناسهم ونحلهم.
قال تعالى: ﴿وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ [القصص: ٤٥]، أي: ولكن الله بعد موسى والتوراة أنشأ وخلق قروناً وأجيالاً وشعوباً وأمماً أخرى طويلة في مئات وآلاف من السنين.
﴿فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ [القصص: ٤٥]، أي: طال على أهل الكتاب نصارى ويهوداً، وعلى المشركين الذين لم يؤمنوا بكتاب قبل ولم يرسل إليهم نبي ولا كتاب، فطال عليهم العمر والزمن من قبل ومن بعد إلى نسوا الكتاب فحرفوه وبدلوه وتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتسافدوا تسافد البهائم في الشوارع، وأصبح القوي يأكل الضعيف، والغني المتجبر الطاغي يستعبد الخلق والبشر.
قال تعالى: ﴿وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ [القصص: ٤٥].
ومعناه: لكن هؤلاء بدلوا وغيروا وأنكروا أن يكون النبي ﷺ ذكر في التوراة والإنجيل، وأبوا إلا الكفران والجحود كما كفروا قبل ذلك بشريعتهم، فغيروها وحرفوها وبدلوها، وغيروا كتب الله ورسالاته، حتى إذا جاءهم سيد البشر ﷺ مبيناً لهم الحقائق مصححاً لهم الوقائع والأحداث أبوا إلا العناد والجحود والكفران والتألب والتواطؤ والتآمر على هذا الدين الجديد وعلى نبيه المرسل إليه صلوات الله وسلامه عليه.