تفسير قوله تعالى: (ولولا أن تصيبهم مصيبة)
قال تعالى: ﴿وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [القصص: ٤٧].
أي: لولا أنه لم يسبق أن أرسلنا للعرب رسولاً ونذيراً نتيجة ما قدمت أيديهم من معاص وذنوب وشرك وكفر وظلم لعاجلناهم بالعقوبة، هذا هو جواب (لولا) المفهوم من سياق الكلام.
أي: لولا أن يصيب العرب ممن لم ينذروا قبل برسالة أو هداية مصيبة أو بلية أو كارثة تجعلهم كمثل السابقين من قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم هود.
وذكر الأيدي لأن أغلب الظلم والطغيان والجبروت يكون باليد، وليس المقصود بما قدمت أيديهم فقط، وإنما بما قدمت أنفسهم نطقاً باللسان أو اعتقاداً بالجنان أو عملاً بالجوارح.
قال تعالى: ﴿وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ [القصص: ٤٧].
فيعاجلوا بالعقوبة فيصيحوا: ﴿فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ﴾ [القصص: ٤٧] أي: يا ربنا عجلت لنا العقوبة في شيء نجهله ولا نعلمه، فنحن لا نعرف كيف نعبدك وندين لك؟ ومن الذي يعلمنا؟ فلم ترسل لنا نبياً، ولله الحجة البالغة، وما أرسل الرسل مبشرين ومنذرين إلا لتكون الحجة له على البشر، وقد قال ربنا: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥].
قال تعالى: ﴿فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [القصص: ٤٧].
وهذا لو أن الله عجل لهم العقوبة، ولكنه لم يفعل؛ لتبقى الحجة له جل جلاله، ولكي لا يقولوا هذا ويعتذروا به، فإذا عوقبوا لا يقولون: هلا يا ربنا! أرسلت لنا رسولاً كما أرسلته للأمم السابقة والقرون الماضية.