تفسير قوله تعالى: (ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون)
قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ [القصص: ٦٢].
يؤتى بهم يوم القيامة ويناديهم الله، أو يكلّم الله من يناديهم من الملائكة، فيقال لهم: أين ما كنتم تزعمون وأنتم في دار الدنيا من شركاء لي؟ لماذا لم يدافعوا عنكم؟ ولماذا لم يحموكم؟ ولماذا لم يرزقوكم الجنة؟ ولماذا لم يزيلوكم من بين أيدينا؟ أي: يحاسبون حساباً عسيراً.
وتقول السيدة عائشة رضوان الله عليها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومن نوقش الحساب عُذِّب) فإذا حوسب المرء يوم القيامة يُحاسب عن النقير والقطمير، وعلى ما أكل وشرب ونطق، والله قد قال: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه﴾ [الزلزلة: ٧ - ٨].
فالكافر يُحاسب على الذرة من شره وبلائه وكفره، والمؤمن يغفر الله له الكثير، وذلك أنه إذا توضأ ذهبت ذنوبه مع الماء، وإذا مضت الجمعة إلى جمعة أخرى وجدد التوبة تاب الله عليه ما سبق منه في تلك الجمعة، فإن ارتكب ما عسى أن يرتكب ثم تاب إلى الله وأناب وأوفى الوعد مع ربه ولم يعد لتلك الذنوب غفر الله له.
أما الكافر مهما استغفر فلن يُغفر له؛ لأنه لا مغفرة لكافر، ولذلك فإن الذنوب تزداد والآثام تزداد فيُحاسب يوم القيامة على النقير والقطمير وعلى الذرة.
قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ﴾ [القصص: ٦٢] أي: يوم القيامة ينادى الله هؤلاء ويدعوهم ويحاسبهم، وتدعوهم الملائكة بأمر الله، وما أمر الله به فهو قوله وفعله جل جلاله.
قال تعالى: ﴿فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ [القصص: ٦٢].
أي: أين أولئك الشركاء؟ أين مناة؟ أين اللات؟ أين من كنتم تعبدونه من الجن والحشرات والبشر كـ ماركس ولينين، وأمثال هؤلاء الأقذار الأوساخ المشركين، الذين يجب أن تُقدّس الأماكن المحترمة عن ذكرهم؟ ولكن الله ذكر الكثير من هذه الأسماء عظة وعبرة؛ لكي يتلافى الناس ذلك ويبتعدوا عنه.