تفسير قوله تعالى: (وقال الذين أوتوا العلم ويلكم)
هكذا كان ضعاف النفوس عندما رأوا قارون في هذه الزينة الفاتنة وإذا بقوم آخرين وهم قلة ينكرون عليهم كما قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ﴾ [القصص: ٨٠].
أي: قال الذين أوتوا العلم والمعرفة بالله ممن رأوا قارون وهو في هذا التيه والخيلاء، ورأوا أولئك الذين يتمنون زينته وماله وجاهه، فقال هؤلاء العلماء بالله، والعارفون بالدنيا وزوالها، والمدركون لخلود الآخرة وما فيها من نعيم دائم.
فقالوا لهؤلاء: ﴿وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ [القصص: ٨٠] وكلمة الويل تقال إشفاقاً، وتقال طعناً وشتماً.
والويل: واد في جنهم، فهم قالوا لهؤلاء: يا ويلهم، وسوء تدبيرهم وأفكارهم، عندما يتمنون هذه الدنيا الزائلة، وهذه الزينة الباطلة، ولم يتمنوا ما عند الله من خير، ومن إفضال، ومن نعمة دائمة ورضاً يفوزون به في الدنيا والآخرة.
وعبادة الله في الدنيا يترتب عنها الثواب في الآخرة، وهو خير من كنوز قارون ومال قارون وزينة قارون، فثواب الله خير لمن آمن بالله رباً وعمل الأعمال الصالحة من الفرائض والنوافل، أما الفرائض فقد قام بها جميعها، وأما النوافل فقد قام بما يستطيع منها جهد طاقته.
ثم قالوا لهم: ﴿وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ﴾ [القصص: ٨٠]، أي: لا يلقى ولا يجازى ولا يصل هذا المقام من رضا الله وكرمه وإفضاله الله إلا الصابرون على طاعة الله، وامتثال أمر الله، وطاعة رسول الله وامتثال أمره صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه.
وصدق بجنانه، وعمل بأركانه، ولا يلقى مثل هذا إلا الصابرون على الطاعات، والفرائض، والنوافل.