تفسير قوله تعالى: (أم حسب الذين يعملون السيئات)
قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤].
أي: أم ظن هؤلاء المرتكبون للمعاصي والآثام والذين يعملونها أنهم يسبقونا ويفلتون من عقابنا وعذابنا لهم وامتحاننا لهم؟ إن كان ذلك كذلك ﴿أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [النحل: ٥٩]، أي: ما أسوأ أحكامهم، وما أسوأ ظلمهم، وما أشد بلادتهم وإعراضهم، فالله جل جلاله لن يترك أحداً من غير أن يُفتن؛ ليُعلم صدقه من كذبه.
والله جل جلاله طالما ضرب لنا الأمثال وأعاد هذه المعاني في القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: ٣]، وقال تعالى: ﴿وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢١٤] فقد زلزل بالفتن والبلاء رسول الله ﷺ والذين آمنوا معه حتى أخذهم ضيق وتبرم وقالوا: متى نصر الله؟ أي: لقد طال البلاء.
قال تعالى: ﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ٢١٤] وإن مع الصبر الفرج، ومع الفرج النصر، وهذه سنة الأنبياء والمرسلين، قال تعالى: ﴿فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا﴾ [فاطر: ٤٣].
قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا﴾ [العنكبوت: ٤]، أي: أظن هؤلاء المسيئون الآثمون أن يسبقوا نقمتنا وغضبنا عليهم؟ وهل ظنوا أنهم سيُفلتون من عذابنا؟ هيهات، ﴿سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤]، أي: ما أسوأ حكمهم وأسوأ فهمهم وبعدهم عن الحق وعن الفهم والإدراك.


الصفحة التالية
Icon