تفسير قوله تعالى: (وإلى مدين أخاهم شعيباً)
قال تعالى: ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [العنكبوت: ٣٦].
أي: كما أرسلنا نوحاً إلى قومه، وأرسلنا لوطاًَ إلى قومه، وأرسلنا إبراهيم إلى قومه، أرسلنا شعيباً إلى أهل مدين نبياً ورسولاً، فجاء يدعوهم إلى الله قائلاً لهم: ﴿يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [العنكبوت: ٣٦].
أي: يا أهلي وعشيرتي! إليكم أرسلت، أن آمركم بالمعروف وأنهاكم عن المنكر، وأدعوكم إلى عبادة الله الواحد، وأن تتركوا عبادة الأوثان والأصنام.
واعتقدوا أن اليوم الآخر آت لا محالة، وهو يوم البعث، فهو اليوم الذي يحاسب الله فيه الناس، من أتى بالخير فله الجنة، ومن جاء بالشر فله النار، فخافوا من عذاب الله وحسابه يوم القيامة، وتوقعوا المجيء واحسبوا حسابه وأعدوا له ما تصنعون من خير، فإن ارتكبتم سوى ذلك فاستغفروا الله وتوبوا إليه، فهو يغفر لمن تاب.
وقوله تعالى: ﴿وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [العنكبوت: ٣٦].
العثو أشد أنواع الفساد، ويشمل الكفر بالله وقطع السبيل، وأنواع المناكر، وقوم شعيب كان فيهم من المنكرات ما كان في أمثالهم من الكفار والمشركين وعبدة الأوثان، فكانوا يقطعون السبيل، ويأتون المنكر، ويشركون بالله، فأمرهم نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام بعدم الفساد في الأرض، لعل الله يغفر لهم، ويجازيهم بخير.