أهمية الذكر
قال تعالى: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٥].
ذكر الله: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أكبر من كل أنواع الأذكار، والصلاة فيها كل ذلك، ففيها ذكر الله: فيها الله أكبر، وفيها سبحان الله، وفيها سبحان ربي الأعلى، وفيها سبحان ربي العظيم، وفيها قراءة الفاتحة وسورة، وفيها السجود، ولقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم)، أي: جدير للساجد وقد سجد بجبهته، وبأنفه، وبكفيه، وبركبتيه، وبرءوس قدميه وهو بهذا الموقف الجليل الذي لا يليق إلا بالله، جدير أن يستجيب الله له دعاءه، فالصلاة مشتملة على الذكر.
قال تعالى: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: ٤٥]، ويقول الله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: ١٥٢] أي: ذكر الله لك أيها العبد أعظم من ذكرك له، وأكبر من ذكرك له، وأشرف من ذكرك له، ودليله الآية السابقة، وقول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي: (من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه) أي: من ذكر الله وحده ذكره الله وحده، وإن ذكره في جماعة ذكره الله في جماعة خير منها وأفضل، وهم جماعة الملائكة.
إذاً: فذكر العبد لله شيء عظيم، وكون الذكر في الصلاة فهو أعظم، وأعظم من ذلك أن يذكرنا الله عندما نذكره، فيذكرنا بالرحمة، وبالرضا، وبالجنة.
وذكر الله عبده أكبر من كل كبير، فالله الأكبر والأعظم، فإن ذكرك الله كان ذكره لك أعظم من ذكرك له، سواء كنت مصلياً، أو ذاكراً فقط، أو تالياً فقط، أو ذاكراً بأي نوع من أنواع الذكر، فذكر الله لك وحده لأنك ذكرته وحدك، أو في ملأ؛ لأنك ذكرته في ملأ، فذكر الله أعظم من ذلك؛ لأنه يذكرك كما ذكرته.
قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٥].
هذه فيها بشرى ووعيد وإنذار، فالله يعلم ما تصنعون أيها الناس، فمن كان صنعته الطاعة والعبادة، وكانت صلاته تامة في أوقاتها وبأركانها، فالله عليم بصنعه، وبعمله، فيجازيه بالخير إحسانا، الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى ما شاء الله، من غير إكراه.
والله يعلم ما يصنع الكافر والعاصي، فيعامل الكافر على الكفر ناراً ومحنة وعذاباً، والعاصي يعامله تأديباً ومحنة ودخول النار، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه.
قال تعالى: ﴿وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [العنكبوت: ٤٦]، بذكر هذه الآية نكون قد ختمنا عشرين جزءاً أي: ثلثي القرآن الكريم، ومن أول هذه الآية نكون قد شرعنا في الثلث الثالث، أعاننا الله على تمامه كما أعاننا على تمام الثلثين السابقين، وقبل الله ذلك منا.


الصفحة التالية
Icon