تفسير قوله تعالى: (أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء)
قال تعالى عنهم وعن أمثالهم ممن مضى وممن يحضر وممن سيأتي تذكيراً وموعظة وهداية وإرشاداً: ﴿أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا﴾ [الكهف: ١٠٢].
الآية فيها حذف مقدر يدل عليه السياق تقديره: أفحسبوا أن يفعلوا ذلك ولا نعاقبهم، ولا نحاسبهم، ولا نؤدبهم، ولا ننتقم منهم، هيهات هيهات! فالكفر شيء عظيم، والشرك ظلم عظيم، فهؤلاء توهموا لجهالة وضياع عقولهم وفساد دينهم أن يتخذوا من خلق الله أولياء ونصراء يفردونها بالعبادة أو يشركونها مع الله.
اتخذوا عيسى -وهو عبد لله صالح- إلهاً، واتخذوا عزيراً -وهو عبد صالح- إلهاً من دون الله، واتخذوا مريم -وهي صديقة- إلهاً من دون الله، واتخذوا عباد الله المكرمين أولياء وآلهة وعبدوها من دون الله وأشركوها مع الله.
والكلام هنا مع نوع من المشركين الذين اتخذوا العباد آلهة من دون الله، مع أن الشرك عام وهو من أشرك مع الله إنساناً أو ملكاً أو جناً أو جماداً أو حيواناً وكل ذلك من خلق الله، وكل ما في الأرض آتي الرحمن عبداً، والكل يوحد الله ويذكر الله وإن كنا لا نفقه ذلك، قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء: ٤٤] فهم يعبدون مع الله إنساناً وحيواناً وملكاً وجناً وجماداً وكل ما خلق الله.
قال تعالى: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا﴾ [الكهف: ١٠٢]، أي: إنا هيأنا لهم وجعلنا منزلهم ومأواهم ومقامهم الخالد الدائم جهنم يصلونها ويعذبون فيها، جزاء كفرهم وشركهم، ومخالفتهم وعصيانهم.


الصفحة التالية
Icon