تفسير قوله تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: ٦٩].
إن الجهاد يكون بالسيف، ويكون بالقلم، ويكون بالعبادة، ويكون بكسب الحلال، ويكون بطلب العلم، فطالب العلم المجد مجاهد، والعالم الناصر للعلم مجاهد، والداعية إلى الله بكل شكل مجاهد، والحامل للسيف في ساحات الوغى والحرب مجاهد، والصابر على الطاعات مجاهد، والتارك للمعاصي بأنواعها مجاهد.
وقد فسر الصحابة والتابعون قول الله: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت: ٦٩]، بأن الله يُقسم أن الذين جاهدوا في الله حق جهاده وحق طاقته، بأي نوع من أنواع الجهاد: بالسيف أو بالقلم ليهديهم سبله، أي: يهديهم إلى طرق الحق.
وسبل: جمع سبيل، أي: سبل الله، وهو السبيل الحق في الفهم، والحق في العلم، والنصر في الجهاد، والدعوة إلى الله، وهذه كما قال عمر بن عبد العزيز في تفسيرها: ومن عمل بما علم علمه الله علم ما لم يعلم! وكل من كان في طاعة الله بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، يدخل تحت هذه الآية، والآية تذكر أن الله سوف يهديه السبل التي جهلها، والتي لم يعلمها، ويعرفه الحق حقّاً ويعينه على اتباعه، ويعرفه بالباطل باطلاً ويعينه على اجتنابه.
قال تعالى: ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: ٦٩].
الله جل جلاله مع المحسن بالعون وبالتأييد، وبالنصر، وبالمغفرة، وبالرحمة والرضا.
والنبي عليه الصلاة السلام في حديث عمر عندما سئل عن الإيمان، ثم عن الإسلام، ثم عن الإحسان قال: (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك).