تفسير قوله تعالى: (ومن آياته أن خلقكم من تراب)
قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ﴾ [الروم: ٢٠].
أي: ومن آياته ودلائل قدرته ومعجزاته ووحدانيته وعلامة إرادته ووحدانيته بالإرادة.
قوله: ﴿أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾ [الروم: ٢٠].
فقد خلق آدم من تراب وهو أصلنا وأبونا الأعلى، ثم جعلنا منه، فكنا في الأصل تراباً، ثم خلق منها زوجها، وخلق منهما نطفة ومن النطفة علقة ومن العلقة مضغة ومن المضغة عظاماً ثم كساها لحماً، ثم أخرجها بشراً سوياً إلى هذه الدنيا، وكان جسماً ضعيفاً لا يعقل ولا يعي ولا يبصر ولا يدرك، ثم إذا بهذا الإنسان الذي أصله تراب وماء مهين يتجبر على الله ولا يذكره ويسفك الدماء الحرام ويستبيح الأعراض الحرام، ويقول: أنا ربكم الأعلى، وينسى أنه بعد ذلك سيعود إلى شيب وضعف، ثم إلى تراب، ثم يحيا مرة أخرى ويعرض للحساب فيعاقب أو يكرم حسب عمله من الصالحات أو الطالحات.
وقوله: ﴿ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ﴾ [الروم: ٢٠]، ونحن قد انتشرناها في الأرض مشارق ومغارب، جبالاً ووهاداً، أجواء وتراباً، ونحن على ما نحن عليه، فمن أكرمه الله عاش مؤمناً ومن سبق عليه كتاب الله في الأزل وغضب عليه كفر بكل ذلك وأشرك.


الصفحة التالية
Icon