معنى قوله تعالى: (قليلاً ما تشكرون)
قال تعالى: ﴿قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾ [السجدة: ٩].
أي: قلما تشكرون ربكم على هذه النعم الظاهرة والباطنة، فقد خلقكم الله ليكرمكم بالجنة وبالرحمة وبالرضا، ولكنكم كفرتم بهذه النعمة، ففقد من فعل ذلك مستقبل دنياه وآخرته.
فالله تعالى خلق لنا الأسماع والأبصار والأفئدة والحواس، وخلق العوالم مسخرة ومذللة لهذا المؤمن الذي يقول: (لا إله إلا الله)، فإن هو قام بما وجب عليه من أداء حقوقها، وعاش على ذلك إلى أن لقي ربه؛ كان من المؤمنين القانتين الذي يرجى لهم الخير والرحمة والرضا، وإن أهدر حياته فلم يستفد منها، ولا من شبابه، وأضاع كل ذلك فقد خسر، فيفجأ بالملكين يسألانه في القبر: ما دينك؟ من ربك؟ من نبيك؟ وإذا به يقول: قال الناس قولاً فقلت قولهم، قالوا الصليب فقال الصليب، كان إمعة حتى في الكفر، يقول ما قاله الناس بلا علم ولا معرفة ولا كتاب من الله منير.
فالخلق أكثرهم كفرة، والكافر لو شكر الله لآمن به، فهو جاحد دوماً، كافر بنعم الله، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١١٦] ولهذا كان الشاكرون قلة.


الصفحة التالية
Icon