سبب نزول قول الله تعالى: (يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين)
قال البعض من مفسري الآية الكريمة: وكان سبب نزول هذه الآية لما هادن رسول الله ﷺ قريشاً في تلك المدة من السنوات التي هادنهم فيها، وجاء إلى المدينة أبو سفيان، وجاء عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وجاء جماعة منهم، ونزلوا على رأس النفاق عبد الله بن أبي ابن سلول، وواجهوا رسول الله ﷺ قائلين له: (يا محمد، لو تركت عيب آلهتنا لتركناك ودينك، وتبعهم في هذا القول المنافقون وناصروهم وأضافوهم وأكرموهم، فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، لو أمرتني أن أقتل هؤلاء جميعاً، فقال رسول الله ﷺ له: والعهد الذي بيننا؟!) أي: بيننا وبينهم عهد عشر سنين، فكيف نغدر بهم ونقتلهم.
فأمر بطردهم، فقام عمر وأخرجهم من المدينة المنورة ملعونين خزايا؛ لطلبهم هذا الطلب السخيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ)) أي: في أن تنصت لمثل هذا القول الباطل.
((وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ)) أي: فيما طلبوه منك من مهادنة آلهتهم المزيفة، وتركهم على كفرهم ونفاقهم.
وقوله: ((إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)) أي: له العلم جل جلاله فيما يجري، وفيما سيكون بعد ذلك من أن هؤلاء مقهورون، ومغلوبون على أمرهم، وذاهبون وآلهتهم المزيفة، وأنت منصور عليهم النصر العزيز المؤزر، فلا تلتفت لأقوالهم، ولا تقبل كلامهم ولا كلام المنافقين الذين ساندوهم، فهو سبحانه عليم بباطل قول هؤلاء، وفساد ما يدعون إليه.
وهو حكيم في أفعاله، ما أمرك بقتالهم إلا وقوله منزل منزلة الحق يعود بالخير عليك وعلى المؤمنين من أتباعك، والله ناصرك وناصر أتباعك ومذل عدوك، ومذل كل كافر ومنافق، فقد علم الله ذلك في سابق علمه وهو الحكيم في أقواله وأفعاله.


الصفحة التالية
Icon