تفسير قوله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)
قال الله عز وجل: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا﴾ [الأحزاب: ٦].
فالله جل جلاله يقول: ((النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)).
أي: الله جل جلاله يعلم المؤمنين الأدب مع النبي عليه الصلاة والسلام، وأنه أولى بهم من أنفسهم وبأن تطاع أوامر النبي ﷺ وتجتنب نواهيه، وتقدم رغباته على رغبات الإنسان نفسه، فالنبي عليه الصلاة والسلام عزيز عليه عنت قومه، حريص على إيمانهم، رءوف رحيم بهم أكثر من أنفسهم لأنفسهم.
ولذلك فإن الله جل جلاله جعل النبي عليه الصلاة والسلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم أمراً ونهياً، تحليلاً وتحريماً، وقال سبحانه: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥] أي: لن يتم إيمان المؤمن ما لم يجعل النبي عليه الصلاة والسلام الحكم المفوض له، يأمر وينهى بما يراه، إشارته أمر، وإشارته نهي، وطاعة الله في طاعته، ومن عصاه فقد عصى الله.
ونبينا خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام هو أولى الناس بالمؤمنين، أولى الأنبياء بالطاعة والولاء والإخلاص، وهكذا جعل الله جل جلاله نبينا محل القدوة والأسوة، ومحل التحريم والتحليل، وينبغي أن يقدم على نفس الإنسان ورغباته وخواطر نفسه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه، ومن ولده ووالده ومن الناس أجمعين، فقال عمر: إنك لأحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، قال: لن تكون مؤمناً حتى أكون أحب إليك حتى من نفسك، قال: ومن نفسي يا رسول الله أنت أحب إلي، قال: الآن فنعم).
والنبي عليه الصلاة والسلام عندما يكون أولى بالناس من أنفسهم وأولاهم بالطاعة، وأولاهم بالحب والولاء، عند ذلك يكون المؤمن مؤمناً حقاً، مطيعاً حقاً، تابعاً حقاً.