تفسير قوله تعالى: (هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً)
قال الله تعالى: ﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ [الأحزاب: ١١].
قوله: ((هُنَالِكَ))، يقال للإشارة البعيدة: (هنالك)، وللوسطى (هناك)، وللقريبة (هنا).
هذه الآية نزلت بعد غزوة الأحزاب؛ لأن الإشارة أصبحت إليها بعيدة، يعني: عند تلك الحالة وإتيان الجنود بما زاغت به الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، وكثرت الظنون السيئة من المنافقين، أو من المسلمين الصالحين، وظنوا بأن الله متخل عن عبده وجنده، ويفعل الله ما يشاء، ﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ [الأحزاب: ١١].
أي: بعد أن بلغت الحال ما بلغت إليه ابتلى الله المؤمنين واختبرهم وامتحنهم بهجوم الأحزاب من أعداء الإسلام من مشرق الجزيرة ومغربها، حتى يفوضوا أمرهم إلى الله، وحتى يستسلموا لقضاء الله، أو يظهر منهم ما لا يليق بمؤمن صادق ويتأثروا بالمنافقين وبضعاف القلوب.
قوله: ((هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ)) أي: اختبروا وامتحنوا.
وقوله: ((وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا)) أي: اهتزت نفوسهم وقلوبهم، ومالت أبصارهم، وتغيرت نياتهم، فالمنافق قد أعلن نفاقه، والضعيف قد كاد يفعل ذلك، والمؤمن الثابت قال: لعلها القاضية، مع استسلامه لقضاء الله وقدره.


الصفحة التالية
Icon