تفسير قوله تعالى: (ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار)
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا﴾ [الأحزاب: ١٥].
أي: هؤلاء الذين تذبذبوا ونافقوا، سبق أن فاتتهم حروب قوية حضرها النبي ﷺ بنفسه، فعندما قاتل عليه الصلاة والسلام في بدر، قالت فئة من بني حارثة: لقد فاتنا الخير الكثير في عدم حضور هذه المعركة، وقد كان قائدها مباشرة رسول الله ﷺ ونحن نعاهد الله إن جاءت غزاة أخرى حضرها النبي ﷺ بنفسه لنحضرنها، ولنبذلن فيها أرواحنا وأموالنا، وكل عزيز علينا ونحرص ألا تفوتنا.
وهاهم هؤلاء قد حضروا معركة الأحزاب، وكان المشرف عليها النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا بالعهد الذي قطعوه على أنفسهم قد نقضوه، فهم يفرون من المعركة، وبعضهم يستأذنون في تركها كذباً زاعمين أن بيوتهم مكشوفة، وأن بيوتهم تحت تناول الغزاة والسارقين والمهاجمين، وهم إنما يريدون الفرار من المعركة، والفرار من الزحف كبيرة من الكبائر.
وقوله: (وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا).
أي: هذا العهد الذي قطعوه على أنفسهم من أن يحضروا المعركة ولا يفروا منها، سيسألهم الله يوم القيامة عن خيانتهم لهذا العهد، ولهذا الميثاق.


الصفحة التالية
Icon