تفسير قوله تعالى: (تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجراً كريماً)
قال الله تعالى: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٤].
قوله: (تحيتهم) الضمير يعود للمؤمنين المذكورين في الآية السابقة، ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٣] أي: تحية الله للمؤمنين يوم يدخلون الجنان سلام، يقول الله لهم: (سلام) أي: لكم السلام من الغضب ومن العذاب، ومن الخروج من الجنة ألبتة.
وقد فسر البعض قوله: (سلام) أي: تحية بعضهم لبعض سلام، ولكن الله تعالى قد أعاد هذا المعنى في سورة (يس) فقال: ﴿سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ [يس: ٥٨]، فالسلام من الله والسلام هو الله، وقد سلم سبحانه في الدنيا فيما بلغه النبي ﷺ على السيدة الأولى أم المؤمنين خديجة رضوان الله عليها، فقال لها رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إن ربك ليبلغك السلام، ويبشرك بقصر في الجنة)، فكانت خديجة عارفة بالله، كيف لا وهي تربية بيت النبوة، وأم أولاد النبوة، والزوجة الأولى لرسول الله عليه الصلاة والسلام، فردت السلام فقالت: هو السلام وإليه السلام ومنه السلام.
فلم تقل كما يقول الناس لبعضهم: وعليكم السلام؛ لأن السلام اسم من أسماء الله، فهو السلام جل جلاله ومنه السلام، هو الذي يسلم عباده الصالحين من العذاب والخلود في النيران.
وقوله: ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٤].
أي: أعد للمؤمنين يوم القيامة أجراً كريماً، والأجر هو الثواب والمكافأة والجزاء الكريم، وهو الخلود في الجنة أبداً، ولهم فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ولهم فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، هذه المعاني الكريمة الإلهية والنبوية هي التي استحقت أن توصف بكريمة من الله في كتابه: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٤].