تفسير قوله تعالى: (إن تبدوا شيئاً أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليماً)
قال الله تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [الأحزاب: ٥٤].
قالوا عن طلحة عندما ذكر ما ذكر وقال ما قال: من التزوج بـ عائشة رضي الله عنها بعد موت رسول الله: إنه بعد نزول الآية حج على رجليه وهو كبير يتجاوز الأربعين توبة لله ورجاء مغفرته، وإنه أعتق جميع عبيده وإمائه طلباً للمغفرة من الله من هذه القولة التي قالها، وفعل الكثير من الحسنات عسى الله أن يتوب عليه وأن يغفر له قولته، إن كان قالها فهي قولة عظيمة، ولكن الله يتوب على من تاب، على أن السلف قالوا: لم يقل ذلك طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
وقد ذكرنا أن السيوطي أكد في رسالة مستقلة أن الذي قال ذلك رجل اسمه طلحة بن عبيد الله وهو غير طلحة بن عبيد الله الذي هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، والذي شلت يده يوم أحد دفاعاً عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
قال تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ﴾ [الأحزاب: ٥٤] أي: إن تظهروا ما أضمرتم في نفوسكم أو تخفوه عن الله، فإن الله بكل شيء عليماً.
فمن أخفى الزواج بأمهات المؤمنين، ومن أخفى الرغبة فيهن، ومن حدثته نفسه بما لا يليق مع رسول الله ومع مقام رسول الله عليه الصلاة والسلام فالله عالم بذلك لا تخفى عليه خافية جل جلاله وعلا مقامه.
وهذه الآية خرجت مخرج التهديد والوعيد والنذير لمن تحدثه نفسه بأمثال هذه الأشياء من إيذاء رسول الله فيما لا يرضي رسول الله، سواء كان حياً أو ميتاً؛ لقولة يقولها أو بعمل يعمله، أو بمخالفة له في أوامره ونواهيه، فالله يعلم ذلك من نفس الإنسان أخفى ذلك أو أعلنه.