تفسير قوله تعالى: (ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق)
قال الله تعالى: ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [سبأ: ٦].
(ويرى الذين أوتوا العلم) هذا كلام عام، وقد فسره البعض بمؤمني أهل الكتاب الذين آمنوا برسول الله، وكانوا من أهل العلم الذين فهموا التوراة والإنجيل، وفسروه بعلماء المسلمين، والآية تشمل الكل: من آمن من أهل الكتاب من علمائهم كـ عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وهؤلاء الذين كانوا من أهل العلم، والذين حازوا رتبة العلم بالله والمعرفة به.
((وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)) أي: يعلموا، أي: من رأيهم، ومن عقيدتهم، ومن فهمهم، كما نقول: يرى فلان كذا وكذا، أي: يعتقد ويدين بهذا الرأي.
((الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ)) يرون ويعتقدون ويؤمنون أن ما نزل إليك من كتاب الله، وما نزل إليك من رسالة الله هو الحق، الذي انفرد بعد الأديان السابقة وتبديل أصحابها لها وتحريفها، ولم يبق الحق إلا الإسلام، ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: ٨٥]، ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ﴾ [آل عمران: ١٩] لا سواه ولا غيره.
((وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ)) أي: أن الذي أنزله إليك ربك بواسطة رسول الملائكة إليك جبريل، هو الحق، لا كما يزعم الكفرة، والحق الذي أنزل عليك هو قوله بيوم القيامة وبالنبوءة وبالجنة والنار، وبالجن والملائكة، وبالموت والحياة، وبأن خالق الخلق هو الله الواحد جل جلاله.
((وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)) هذا الذي أنزل إليك يهدي أي: يدل ويرشد ويوجه إلى الصراط وإلى الطريق، والعزيز هو الله الذي لا ينال، والغالب الذي لا يغالب، وصراط الله الحق هو الإسلام، أي: رسالة محمد عليه الصلاة والسلام.
فهؤلاء أهل العلم يعتقدون بأن هذا القرآن الكريم يهدي إلى صراط الله العزيز الحميد، المحمود في السماء، والمحمود في الأرض، الذي له حق الحمد.


الصفحة التالية
Icon