تفسير قوله تعالى: (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا)
قال تعالى: ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا﴾ [سبأ: ١٩].
فهؤلاء أرادوا أن يفعلوا ما فعله اليهود عندما هربوا من مصر واستعباد وقهر فرعون وهامان ومن إليهما من جندهم، واتبعوا موسى وهارون، وخرجوا وابتعدوا، وغرق فرعون، ثم تاهوا في صحاري سيناء أربعين سنة؛ لعودتهم إلى جحود النعمة، ومع ذلك كانوا يرزقون بالمن وهو العسل، كان ينزل على الشجرة فيأكله الإنسان دون أن يصنعه، والسلوى: نوع من الطائر كألذ ما يأكله الآكل، مع المياه اثنتا عشرة عيناً متدفقة، فملوا الشبع والأكل وتمنوا الفوم والبصل والقثاء، وأخذوا يسألون الأدنى دون ما هو أعلى، وهكذا هؤلاء: ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ [سبأ: ١٩]، وذلك عندما جحدوا النعمة، وأعرضوا عن الطاعة، وعادوا إلى الكفر.