تفسير قوله تعالى: (قال الذين استكبروا للذين استضعفوا)
قال تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُجْرِمِينَ﴾ [سبأ: ٣٢].
عندما قال الأتباع للمتبوعين: ((لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ)) أجابهم هؤلاء القادة والزعماء ((الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا)) أي: تعاظموا في الدنيا ورأوا لأنفسهم شأناً وعظمة وكبراً لأنهم سخروا من الأتباع وجروهم إلى اتباعهم وأضلوهم عن الله وعن دين الله وعن رسل الله؛ فأخذ هؤلاء الكبراء يجيبون: ((أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ)) استفهام إنكار تقريعي، أي: أنحن الذين منعناكم؟ هل ربطنا أيديكم بالأغلال، أم جعلنا على أرجلكم أكبالاً؟ هل أجبرناكم إلى أن كفرتم ودخلنا في عقولكم؟ ليس الأمر كذلك ((بَلْ كُنتُمْ مُجْرِمِينَ)) أي: أنتم مجرمون في الأصل لأنا قلنا كلاماً نحن في أنفسنا لم نتحقق منه ولم نأت عليه بدليل ولا برهان، إنما استغفلناكم وأخذنا أموالكم وركبنا أكتفاكم وأصبحنا قادة وزعماء على حسابكم، وكنتم أنتم قد أطعتم النزوات والشهوات وكنتم مجرمين في قبولكم، إذ اتبعتم ما لا دليل عليه ولا منطق فيه ولا برهان يؤكده، ما ذلك إلا لطبيعتكم المجرمة التي قبلت هذا بلا دليل ولا برهان.


الصفحة التالية
Icon