تفسير قوله تعالى: (إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون)
قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾ [مريم: ٤٠].
فيكون الكون قد ماتت فيه كل حركة ونسمة، وأصبح كل شيء تراباً، فمات الملك والسلطان، ومات النفوذ والأولاد، ومات الجند والعشيرة، وعادت الدنيا لما كانت عليه قبل خلقهم خراباً ليس فيها حركة ولا حياة، وفي هذه الحالة يقول الله: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ [غافر: ١٦] فلا مجيب، فيجيب نفسه بنفسه: ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر: ١٦].
يوم يرث الله الأرض ومن عليها ويكون قد مات كل حي قبل البعث، فلا يبقى أحد في الكون: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٦ - ٢٧]، ففي هذه الحالة يكون الله هو الوارث، وهو من قبل الخالق، والكل له حتى في وقت ادعاء الملكية، فيرثهم الله ويأخذ ملكهم وقواهم وجيوشهم وجبروتهم وطغيانهم، فكل ذلك لا يبقى له مالك إلا هو، فهو ملك الملوك جل جلاله.
قوله: ﴿وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾ [مريم: ٤٠] أي: هلكوا وماتوا ومرجعهم إلى الله، أي: أنهم يبعثون بعد الموت، وهناك الجميع يتحسرون على عبادة لم يقوموا بها، أو على إيمان لم يقوموا بواجبه، ولم يقوموا بحقيقته، فإن ماتوا وهلكوا لم يبق إلا الله وارث الكون، ثم إليه يرجعون ويبعثون للحساب وللعقاب وللعرض عليه.


الصفحة التالية
Icon