تفسير قوله تعالى: (ووهبنا لهم من رحمتنا)
قال تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا﴾ [مريم: ٥٠].
أي: وهب للأب والولدين والحفيد من رحمته، وفسرت الرحمة هنا بالمال والنبوءة والأرزاق والحب والتعلق، وكل ذلك صالح في التفسير، فالذرية الصالحة التي لم تأكل حراماً ولم تأت بحرام رحمة.
وكما قال نبي الله عليه الصلاة والسلام: (نعم المال الصالح للرجل الصالح)، والنبوءة والرسالة والعبادة وأنواع الخيرات الأخروية هي كلها بلا شك من رحمات الله.
فقوله: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُمْ﴾ [مريم: ٥٠] أي: للأب والولدين والحفيد، لإبراهيم وإسماعيل وإسحاق.
قوله: ﴿مِنْ رَحْمَتِنَا﴾ [مريم: ٥٠] أي: من أرزاقنا ونعمتنا.
قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا﴾ [مريم: ٥٠] أي: خلدناهم في الدهر وفيما سيأتي بعد ذلك إلى يوم القيامة، فكان لهم لسان صدق في كونهم أنبياء الله ورسله، فخلد ذكرهم في التوراة والإنجيل والزبور، مع تغير كل هذه الكتب وتبديلها وتحريفها، كذلك خلد ذكرهم في القرآن الكريم المهيمن على كل الكتب السماوية، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
فخلدوا فيه خلوداً أبدياً، فكانوا لسان صدق للعالمين عالياً، وهكذا علا إبراهيم في السماوات، واجتمع به سبطه وحفيده ليلة الإسراء، فخلدوا حساً ومعنىً وذكراً في الصالحين، ونبراساً بين العابدين، وهداية بين كتب السماء التي يقتدى بها ويهتم بها.