تفسير قوله تعالى: (ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون)
قال تعالى: ﴿مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ﴾ [يس: ٤٩].
فهم لا ينتظرون أن يؤمنوا وأن يستجيبوا ((إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً)) وهذه الصيحة ﴿تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ﴾ [يس: ٤٩].
والصيحات ثلاث، وإسرافيل هو الملك المكلف بهذه الصيحات الثلاث، فصيحة اسمها صيحة الفزع، والصيحة الثانية: صيحة الصعق، والصيحة الثالثة: صيحة الحياة بعد الموت.
وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن إسرافيل قد حنى رأسه على القرن والبوق الذي سينفخ فيه ينتظر أمر الله بذلك.
ونبينا هو أول علامة من علامات الساعة، قال صلى الله عليه وسلم: (بعثت والساعة كهاتين: وأشار بالسبابة والوسطى)، فينفخ إسرافيل النفخة الأولى وتسمى نفخة الفزع، أي: أنه يفزع لها كل حي في الأرض، فتجدهم فزعين ذاهلين، وإذ ذاك لا تقوم الساعة إلا على أناس لا يقولون: ربنا الله، ولا تقوم إلا على لكع بن لكع.
فهم يفزعون وتأخذهم أوهام وظنون: لعل هذا الذي بلغنا عن الآباء القدامى أن هناك نفخة وهناك وهناك! فقوله: ((مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً)) تكون من إسرافيل بواسطة القرن، وهو قرن الله أعلم بقدره، أما صوته فيزلزل الأرض حتى يكاد يقتلعها من مكانها.
﴿وَهُمْ يَخِصِّمُونَ﴾ [يس: ٤٩] وقرئ: ((يَخَصَّمُونَ)) وهي قراءة ورش، ومعناها: يختصمون، أي: يتجادلون ويكونون في بيع وشراء، وأخذ وعطاء، وما يفعله الحي في مكتبه أو في سوقه أو في زراعته أو في داره أو في أي مكان، تأتي الصيحة وهو على هذا الحال؛ فتدعه مذهولاً واجماً لا يدري ماذا بعدها؟! ﴿مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ﴾ [يس: ٤٩] تأتيهم فجأة، والساعة لا تأتي إلا بغتة.