تفسير قوله تعالى: (فاليوم لا تظلم نفس شيئاً ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون)
قال تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [يس: ٥٤].
هذا هو الفصل والقضاء، ((فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا)) أي: لا ظلم اليوم، والله قد حرّم الظلم على نفسه وحرمه على عباده، ففي الحديث القدسي: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)، ويقول جل جلاله مع هذا الوعيد والتهديد يوم البعث كما وعد أنه لن يظلم أحداً: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه﴾ [الزلزلة: ٧ - ٨].
ويبقى فضل الله بالنسبة لمن مات على التوحيد، والموحد الذي مات على التوحيد لن يخاف طال زمانه أو قصر، وقد يغفر الله له ذنوبه، وقد يدخل النار زمناً ثم يعود فيدخل الجنة؛ أما الكافر فقد حرّم الله عليه الجنة، ولا توبة له، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء: ٤٨].
((فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا)) والشيء: كلمة تطلق على كل موجود حتى الذرة، كما قال الله في آية أخرى: ((فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) فمن أتى بالخير فله الخير، وله الرضا والجنة، ومن جاء كافراً وقد أصر على الكفر إلى أن هلك فله النار والجحيم، فمن في النار مخلد فيها أبد الآباد، ومن في الجنة مخلد فيها أبد الآباد، والموت يذبح فلا موت بعد ذلك.